الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم
.سورة الأحزاب: .فصول مهمة تتعلق بالسورة الكريمة: .فصل في فضل السورة الكريمة: قال مجد الدين الفيروزابادي:فضل السّورة:فيه الأَحاديث الموضوعة التي نذكرها للتنبيه عليها: «من قرأَ سورة الأَحزاب وعلَّمها أَهلَه وما ملكت يمينه أُعطىَ الأَمان من عذاب القبر».وحديث علي: «يا علي مَنْ قرأَ سورة الأَحزاب قال الله لملائكته: اشهدوا أَنَّ هذا قد أَعتقتُه من النَّار، وكان يوم القيامة تحت ظلّ جناح جَبْرائيل، وله بكلّ آية قرأَها مثلُ ثواب البارّ بوالديه». اهـ..فصل في مقصود السورة الكريمة: .قال البقاعي: سورة الأحزاب مقصودها الحث على الصدق في الإخلاص في التوجه إلى الخالق من غير مراعاة بوجه ما للخلائق، لأنه عليم بما يصلحهم، حكيم فيما يفعله فهو يعلي من يشاء وإن كان ضعيفا، ويردي من يريد وإن كان قويا، فلا يهتمن الماضي لأمره برجاء لأحد منهم في بره ولا خوف منه في عظيم شره وخفي مكره، واسمها واضح في ذلك بتأمل القصة التي أشار إليها ودل عليها. اهـ..قال مجد الدين الفيروزابادي: .بصيرة في: {يا أيها النبى اتق الله}. السّور مدنية بالاتفاق.آياتها ثلاث وسبعون.كلماتها أَلف ومائتان وثمانون.حروفها خمسة آلاف وسبعمائة وستّ وتسعون، فواصل آياتها لا على اللام منها آية واحدة {يَهْدي السَّبيلَ}.سمّيت سورة الأَحزاب، لاشتمالها على قصّة حَرْب الأَحزاب في قوله: {يَحْسَبُونَ الأَحْزَابَ لَمْ يَذْهَبُوا}..معظم مقصود السّورة الذي اشتملت عليه: الأَمر بالتَّقوى، وأَنه ليس في صدرٍ واحد قلبان، وأَنَّ المتبَنَّى ليس بمنزلة الابن، وأَنَّ النبىّ صلَّى الله عليه وسلَّم للمؤمنين بمكان الوالد، وأَزواجه الطاهرات بمكان الأُمهات، وأَخذ الميثاق على الأَنبياء، والسؤال عن صدق الصّادقين، وذكر حَرْب الأَحزاب، والشّكاية من المنافقين، وذمّ المعرضين، ووفاء الرّجال بالعهد، وردّ الكفَّار بغيظهم، وتخيير أُمّهات المؤمنين، ووعظهنَّ، ونصحهنَّ، وبيان شرف أَهل البيت الطَّاهرين ووعد المسلمين والمسلمات بالأُجور الوافرات، وحديث تزويج زيد وزينب ورفع الحَرَج عن النّبى صلَّى الله عليه وسلَّم، وختم الأَنبياء به عليه السّلام، والأَمر بالذكر الكثير، والصّلوات والتسليمات على المؤمنين، والمخاطبات الشريفة لسيّدنا المصطفى- صلى الله عليه وسلَّم-، وبيان النكاح، والطَّلاق، والعدّة، وخصائص النبى صلَّى الله عليه وسلَّم في باب النكاح، وتخييره في القَسْم بين الأَزواج والحجر عليه في تبديلهنَّ، ونهى الصحابة عن دخول حُجْرة النَّبىّ صلَّى الله عليه وسلَّم بغير إذن منه، وضَرْب الحجاب، ونهى المؤمنين عن تزوّج أَزواجه بعده، والموافقة مع الملائكة في الصلاة على النبى صلَّى الله عليه وسلَّم، وتهديد المؤذين للنَّبى وللمؤمنين، وتعليم آداب النساء في خروجهن من البيوت، وتهديد المنافقين في إيقاع الأَراجيف، وذلّ الكفار في النار، والنَّهى عن إيذاء الرّسول صلَّى الله عليه وسلَّم والأَمر بالقول السّديد وبيان عَرْض الأَمانة على السموات والأَرض إلى آخر السّورة..النَّاسخ والمنسوخ: فيها من المنسوخ آيتان م {وَدَعْ أَذَاهُمْ} ن آية السّيف م {لاَّ يَحلُّ لَكَ النّسَاءُ من بَعْدُ} ن {إنَّآ أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ}. اهـ..فصل في متشابهات السورة الكريمة: .قال ابن جماعة: سورة الأحزاب:348- مسألة:قوله تعالى: {وَبَنَات عَمّكَ وَبَنَات عَمَّاتكَ وَبَنَات خَالكَ وَبَنَات خَالَاتكَ} أفرد الذكور وجمع الإناث؟جوابه:أن إفراد الذكور لإرادة الجنس وعلم من إضافة الجمع إلى المفرد أن المراد جنس الأعمام والأخوال لا عم معين أو خال معين فكان الإفراد مع إرادة الجنس أخف لفظا وأفصح لما فيه من المقابلة بين الإفراد والجمع والذكور والإناث.أما جمع الإناث لفظا فلتعذر الإتيان بمفرده لقيد الجنس إذ لو قيل: بنات عمك أو بنات عمتك وبنات خالتك أو بنات خالاتك لاحتمل إرادة بنت معينة أو عمة معينة أو خال معين أو خالة معينة والآية إنما سيقت لبيان المنة على رسول الله- صلى الله عليه وسلم- والتوسعة عليه والإفراد يفوت به التصريح له بهذا المعنى المقصود. اهـ..قال مجد الدين الفيروزابادي: المتشابهات:ذهب بعض القرّاء إلى أَنَّه ليس في هذه السورة متشابه، وأَورد بعضهم فيها كلمات وليس فيها كثير تشابه؛ بل قد تلتبس على الحافظ القليل البضاعة.فأّوردناها؛ إذ لم يخل من فائدة.وذكرنا مع بعضها علامة يستعين بها المبتدىء في تلاوته.منها قوله: {لّيَسْأَلَ الصَّادقينَ عَن صدْقهمْ} وبعده {لّيَجْزيَ اللَّهُ الصَّادقينَ بصدْقهمْ} ليس فيها تشابه؛ لأَنَّ الأَوّل من لفظ السّؤال، وصلته {عَن صدْقهمْ} وبعده {وَأَعَدَّ للْكَافرينَ} والثَّانى من لفظ الجزاء، وفاعله الله، وصلتُه {بصدْقهمْ} بالباء، وبعده {وَيُعَذّبَ الْمُنَافقينَ}.ومنها قوله: {يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نعْمَةَ اللَّه عَلَيْكُمْ} وبعده {يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذكْرًا كَثيرًا} فيقال للمبتدىء: إنَّ الذي يأْتى بعد العذاب الأَليم نعمة من الله على المؤمنين، وما يأتى قبل قوله: {هُوَ الَّذي يُصَلّي عَلَيْكُمْ} {اذْكُرُوا اللَّهَ ذكْرًا كَثيرًا} شكرًا على أَن أَنزلكم منزلة نبيّه في صلاته وصلاة ملائكته عليه حيث يقول: {إنَّ اللَّهَ وَمَلاَئكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبيّ}.ومنها قوله: {يا أَيُّهَا النَّبيُّ قُل لأَزْوَاجكَ وَبَنَاتكَ} ليس من المتشابه لأَنَّ الأَوّل في التخيير والثنى في الحجار.ومنها قوله: {سُنَّةَ اللَّه في الَّذينَ خَلَوْا من قَبْلُ} في موضعين وفى الفتح {سُنَّةَ اللَّه الَّتي قَدْ خَلَتْ} التقدير في الآيات: سنَّة الله التي قد خلت في الذين خلوا فذكر في كل سورة الطرف الذي هو أَعمّ، واكتفى به عن الطرف الآخر، والمراد بما في أَول هذه السورة النكاح نزلت حين عيَّروا رسول الله بنكاح زينب فأَنزل الله: {سُنَّةَ اللَّه في الَّذينَ خَلَوْا من قَبْلُ} أي النكاحُ سنَّة في النَّبيين على العموم.وكانت لداود تسع وتسعون، فضمّ إليها التي خطبها أُوريَا، ووَلَدت سليمان.والمراد بما في آخر هذه السّورة القتل؛ نزلت في المنافقين والشاكيّن الَّذين في قلوبهم مرض، والمرجفين في المدينة، على العموم.وما في سورة الفتح يريد به نُصرة الله لأَنبيائه.والعمومُ في النُّصرة أَبلغ منه في النكاح والقتل.ومثله في حم {سُنَّةَ اللَّه الَّتي قَدْ خَلَتْ في عبَاده} فإنَّ المراد بها عدم الانتفاع بالإيمان عند البأْس فلهذا قال: {قَدْ خَلَتْ}.ومنها قوله: {إنَّ اللَّهَ كَانَ لَطيفًا خَبيرًا} {وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلّ شَيءٍ رَقيْبًا} {وَكَانَ اللَّهُ قَوْيًّا عَزيزًا} {وَكَانَ اللَّهُ عَليمًا حَكيمًا}.وهذا من باب الإعراب، وإنما نصب لدخول كان على الجملة: فتفرّدت السّورة، وحسن دخول كان عليها، مراعاة لفواصل الآى، والله أَعلم. اهـ..قال الكَرْماني: سورة الأحزاب:ذهب بعض القراء إلى أنه ليس في هذه السورة ما يذكر في المتشابه وبعضهم أورد فيها كلمات وليس في ذلك كثير تشابه بل قد يلتبس على الحافظ القليل البضاعة وعلى الصبي القليل التجارب فأوردتها إذ لم تخل من فائدة وذكرت مع بعضها علامة يستعين بها المبتدئ في تلاوته.401- منها قوله: {ليسأل الصادقين عن صدقهم} 8 وبعده {ليجزي الله الصادقين بصدقهم} 24 ليس فيها تشابه لأن الأول من لفظ السؤال وصلته عن صدقهم وبعده {وأعد للكافرين} 8 والثاني من لفظ الجزاء وفاعله الله وصلته بصدقهم بالباء وبعده {ويعذب المنافقين} 24.402- ومنها قوله: {يا أيها الذين آمنوا اذكروا نعمة الله عليكم} 9 وبعده {اذكروا الله ذكرا كثيرا} 41 فيقال للمبتدئ إن الذي يأتي بعد العذاب الأليم نعمة من الله على المؤمنين وما يأتي قبل قوله: {هو الذي يصلى عليكم} 43 {اذكروا الله ذكرا كثيرا} 41 شكرا على أن أنزلكم منزلة نبيه في صلاته وصلاة ملائكته عليه حيث يقول: {إن الله وملائكته يصلون على النبي} 56.403- ومنها قوله: {يا أيها النبي قل لأزواجك إن كنتن} 28 {يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك} 59 ليس من المتشابه لأن الأول في التخيير والثاني في الحجاب.404- ومنها قوله: {سنة الله في الذين خلوا من قبل} 38 62 في موضعين وفي الفتح {سنة الله التي قد خلت} 23 التقدير في الآيات سنة الله التي قد خلت في الذين خلوا فذكر في كل سورة الطرف الذي هو أعم واكتفى به عن الطرف الآخر والمراد بما في أول هذه السورة النكاح نزلت حين عيروا رسول الله صلى الله عليه وسلم بنكاحه زينب فأنزل الله سنة الله في الذين خلوا من قبل أي النكاح سنة في النبيين على العموم وكانت لداود تسع وتسعون فضم إليهم المرأة التي خطبها أوريا وولدت سليمان والمراد بما في آخره هذه السورة القتل نزلت في المنافقين والشاكين الذين في قلوبهم مرض والمرجفين في المدينة على العموم وما في سورة الفتح يريد به نصرة الله لأنبيائه والعموم في النصرة أبلغ منه في النكاح والقتل ومثله في حم غافر {سنة الله التي قد خلت في عباده} 85 فإن المراد بها عدم الانتفاع بالإيمان عند البأس فلهذا قال قد خلت.405- ومنها قوله: {إن الله كان لطيفا خبيرا} 34 {وكان الله على كل شيء رقيبا} 52 {وكان الله قويا عزيزا} 25 {وكان الله عليما حليما} 51 وهذا من باب الإعراب وإنما نصب لدخول كان على الجملة فتفردت السورة به وحسن دخول كان عليها مراعاة لفواصل الآي. والله أعلم. اهـ..فصل في التعريف بالسورة الكريمة: .قال الألوسي: سورة الأحزاب:33- أخرج البيهقي في الدلائل وغيره عن إبن عباس رضي الله تعالى عنهما أنه قال: نزلت سورة الأحزاب بالمدينة وأخرج إبن مردويه عن إبن الزبير مثله وهي ثلاث وسبعون آية قال الطبرسي بالإجماع وقال الداني هذا متفق عليه وأخرج عبدالرزاق في المصنف والطيالسي وسعيد بن منصور وعبدالله بن أحمد في زوائد المسند والنسائي والحاكم وصححه والضياء في المختارة وآخرون عن زر بن حبيش قال: قال لي أبي بن كعب رضي الله تعالى عنه كائن تقرأ سورة الأحزاب أو كائن تعدها قلت: ثلاثا وسبعين آية فقال: أقط لقد رأيتها وإنها لتعادل سورة البقرة ولقد قرأنا فيها الشيخ والشيخة إذا زنيا فأرجموهما البتة نكالا من الله والله عزيز حكيم فرفع فيما رفع وأراد رضي الله تعالى عنه بذلك النسخ وأما كون الزيادة كانت في صحيفة عند عائشة فأكلها الداجن فمن وضع الملاحدة وكذبهم في أن ذلك ضاع بأكل الداجن من غير نسخ كذا في الكشاف.وأخرج أبو عبيد في الفضائل وإبن الأنباري وإبن مردويه عن عائشة قالت: كانت سورة الأحزاب تقرأ في زمان النبي صلى الله تعالى عليه وسلم مائتي آية فلما كتب عثمان رضي الله تعالى عنه المصاحف لم يقدر منها إلا على ما هو الآن وهو ظاهر في الضياع من القرآن ومقتضى ما سمعت أنه موضوع والحق أن كل خبر ظاهره ضياع شيء من القرآن أما موضوع أو مؤول ووجه اتصالها بما قبلها على ما قال الجلال السيوطي تشابه مطلع هذه ومقطع تلك فإن تلك ختمت بأمر النبي بالإعراض عن الكافرين وانتظار عذابهم وهذه بدئت بأمره عليه الصلاة والسلام بالتقوى وعدم طاعة الكافرين والمنافقين واتباع ما أوحى إليه والتوكل عليه عزو جل حيث قال سبحانه وتعالى: بسم الله الرحمن الرحيم {يا أيها النبي اتق الله}. اهـ..قال ابن عاشور: سورة الأحزاب:هكذا سميت {سورة الأحزاب} في المصاحف وكتب التفسير والسنة، وكذلك رويت تسميتها عن ابن عباس وأبي بن كعب بأسانيد مقبولة ولا يعرف لها اسم غيره.ووجه التسمية أن فيها ذكر أحزاب المشركين من قريش ومن تحزب معهم أرادوا غزو المسلمين في المدينة فرد الله كيدهم وكفى الله المؤمنين القتال وهي مدنية بالاتفاق، وسيأتي عن ابن عباس أن آية {وَمَا كَانَ لمُؤْمنٍ} [الأحزاب: 36] إلخ نزلت في تزويج زينب بنت جحش من زيد بن حارثة في مكة.وهي التسعون في عداد السور النازلة من القرآن، نزلت بعد سورة الأنفال، وقبل سورة المائدة.وكان نزولها على قول ابن إسحاق أواخر سنة خمس من الهجرة وهو الذي جرى عليه ابن رشد في البيان والتحصيل.وروى ابن وهب وابن القاسم عن مالك: أنها كانت سنة أربع وهي سنة غزوة الأحزاب وتسمى غزوة الخندق حين أحاط جماعات من قريش وأحابيشهم وكنانة وغطفان وكانوا عشرة آلاف وكان المسلمون ثلاثة آلاف وعقبتها غزوة قريظة والنضير.وعدد آيها ثلاث وسبعون باتفاق أصحاب العدد.ومما يجب التنبيه عليه مما يتعلق بهذه السورة ما رواه الحاكم والنسائي وغيرهما عن زر بن حبيش قال: قال لي أبي بن كعب: كأين تعدون سورة الأحزاب؟ قال: قلت: ثلاثا وسبعين آية.قال: أقط- بهمزة استفهام دخلت على قط، أي: حسب- فوالذي يحلف به أبي: إن كانت لتعدل سورة البقرة.ولقد قرأنا فيها: «الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتية نكالا من الله والله عزيز حكيم» فرفع فيما رفع، أي: نسخ فيما نسخ من تلاوة آياتها.وما رواه أبو عبيد القاسم بن سلام بسنده وابن الأنباري بسنده عن عائشة قالت: كانت سورة الأحزاب تقرأ في زمان النبيء صلى الله عليه وسلم مائتي آية فلما كتب عثمان المصاحف لم يقدر منها إلا على ما هو الآن.
|